world ads

الاهلي الان

Tuesday, November 8, 2011

الصداقة بين الصفاء والوفاء



 

الوفاء من الشيم الإنسانية النبيلة، وهي أنبل ما تكون إذا سادت مناخالصداقة وسيطرت على العلاقات بين الأصدقاء، فإذا بكل صديق يشعر بأجواء السعادةوالطمأنينة التي تنعشها الابتسامات غير المصطنعة، والبشاشة النابعة من القلبوالألفاظ التي تحمل معاني الصداقة الحقة التي تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم، وتقربولا تبعد.

الوفاء إذا ساد بين صديقين جعل كلاً منهما يشعر بالأمان تجاهصاحبه لأنه على ثقة تامة بأنه سيجد صديقه فور الحاجة إليه، بل قد يصل الوفاء إلىدرجة تلمس هذه الحاجة فلا ينتظر الصاحب أخاه حتى يصل إلى درجة الاحتياج كي يسجللديه سبقاً في رصيد معروفه، أو تسلسلاً في أجندة إنقاذه أو سطراً في صفحة (الفزعة) لديه.

إن الوفاء هو ترجمة حقيقية لمعنى الصداقة الحقة في الحياة، ولا يعنيذلك تقديم ثمن للصداقة الحقة في الحياة، ولا يعني ذلك تقديم ثمن للصداقة بين الناس،بل يجيء الوفاء ثمرة لتلك الصداقة التي تحمل معاني التضحية والإيثار وتقديم مصلحةالصديق على مصلحته، وليس هذا السلوك ببعيد عن ثقافتنا وقيمنا التي حملت بين ثناياهامازلنا نردده منذ كنا صغاراً في سنوات التعليم من قول القائل:


إن الصديق الحق من كان معك
ومن يضرُّ نفسه لينفعك
ومنْ إذا ريب الزمان صدعك
شتت فيك شمله ليجمعك
وإذا لم يكن من غير المقبول في عالمنا المعاصر الذيسيطرت فيه ثقافة (الأنانية) وسلوك (الفردية) والتسابق نحو (التفرد) فإن أدنى درجاتالصداقة الحقيقية تستجيب لصفات الوفاء التي ترتبط بسلوكيات التضحية والنجدة وإقامةالعثرات والكبوات، إضافة إلى إنصاف الصديق صديقه ولو من نفسه، فضلاً عن إنصافه منغيره، فالصديق الوفي هو الذي يعرف لصديقه حقه في السخط قبل الرضا، وهو الذي يؤثرعلى نفسه كي يشعره معه بالأمن والأمان والطمأنينة لتستمر الصداقة قوية ومتينة لاتزعزعها الأهواء أو تتلاعب بها أمواج الحياة المادية الطاغية على سلوك البشر.

ويندرج تحت صفة الوفاء العديد من السلوك المرتبط بالمشاركة في مواطنالمسرات وفي مواقف الأحزان وفي تبادل المشاعر سعادة أو حزناً، فرحاً أو ترحاًفتتعمق بذلك أجواء الصداقة وتنمو أغصانها، وتورق بل وتثمر وفاء بوفاء، وعطاء بعطاء،وهنا يصدق السلوك الوفي الذي يجعل الصداقة شجرة مثمرة بشتى أنواع الخير في عالمالناس.

ومن سلوكيات الوفاء في عالم الصداقة أن يسود النصح المتبادل بينالأصدقاء، والإرشاد نحو الخير والمصلحة الحقيقية للصديق التي تحفظ عليه دينه وخلقهوتبعده عن مواطن الزعل والعثرة، وهنا ينبغي على الصديق أن يكون رفيقاً في نصحه، غيرغليظ في قوله، صابراً على أن يصل بصاحبه إلى بر الأمان، وأن يكون له مبشراً وليسمنفراً، حتى لا يدب اليأس إلى نفسه، فلا تثمر النصائح مهما تعددت، ولا يجدي القولمهما كان بليغاً، فكم من صديق فقد صديقه جزاء نصح غير صبور، وتسرع نحو نجدتهوإنقاذه من مواقع الخطأ من غير رفق أو تأن مدروس، وكم من صديق انتزع صاحبه ووقف بهعلى الطريق الصحيح بما تحلى به من عزم على إنقاذه وصبر في نصحه، ورفق في التعاملمعه، وزين كل ذلك بوفاء في صداقته.

وإذا كان شأن الوفاء في الصداقة يسموبها نحو الخير بعد أن يرسخ أركانها، ويشيد دعائمها قوية متينة، فإن أجواء الصفاءالذي يجب أن يسود بين الأصدقاء هو ذو شأن بعيد الأثر في تأكيد الصداقة، وتدعيمهافصفاء المناخ بين الأصدقاء، يبعد شبح الاختلاف فيما بينهم، ويؤكد عرى المودة فيعلاقاتهم فتسود الصراحة أقوالهم، ويهيمن الصدق على أفعالهم، وتتسق الأفعال معالأقوال في مناخ من الوفاء والصفاء، ولذلك فإن الحريصين على الصداقات الحقيقيةيسمون إلى أن يكون الصفاء سمة مميزة لصداقاتهم، فنجدهم يزرعون بذور الصفاء ويرعونهاويتعهدونها بحسهم الوفي، وسلوكهم الصادق، الحريص على نمو الصداقة ورسوخها، فهمينصحون ويتناصحون، يقيلون عثرة الصديق، يصدقون معه في القول، لا يبشون في وجهه ثمينقلبون عليه من خلفه، لا يكيلون له المديح إذا رأوه، والذم إذا أدار ظهره عنهم،فالصفاء هو السلوك الذي يدعمون به الصداقة، والصراحة هي السبيل لدوامها واستمرارها،والصفح لديهم عن الصديق هو الذي يرتقي بصداقتهم نحو رسوخ أشد، ومتانة أقوى متمسكينبقول القائل:


إذا اعتذر الصديق إليك يوماً
من التقصير عذر أخ مقر
فصنه عن عتابك واعف عنه
فإن الصفح شيمة كل حر

No comments:

ENGAGEYA

البيت بيتك

مكتبة الفيديو